شرح كيفية عمل الرادار
يستعمل جهاز الرادار بشكل كبير في حياتنا اليومية رغم أنه غير ظاهر للعيان ، و يستعمل الرادار في أجهزة الملاحة الجوية لتتبع حركة الطائرات في الجو أو على الارض و إرشادها إلى المدرج بسلام ،كما تستعمل الشرطة الرادار لكشف سرعة العربات المتحركة ، و من جختها تستعمل وكالة الفضاء الأمريكية ( الناسا ) الرادار في عمليات إستكشاف الأرض أو الكواكب الأخرى و يعتمد الجيش ( خاصة الجيوش المتطورة ) على الرادار لتحديد حركة الأسلحة و التجسس .
عندما يستعمل الناس الرادار ، فإنهم يحاولون القيام بأحد الأشياء الثلاثة :
- تتبع حركة جسم ما عن بعد : وغالبا ما يكون هذا الشيئ متحركا مثل الطائرات و لكن الرادار يمكن أن يستعمل لتتبع الأشياء الساكنة أو المخفية تحت الارض و في بض الحالات بمكن للرادار أن يتعرف على الأشياء الملتقطة مثل نوع الطائرات مثلا .
- معرفة سرعة حركة جسم ما : و هو للسبب الذي يجعل الشرطة تستعمل الجهاز .
- إنشاء الخرائط الطوبوغرافية : حيث تستعمل الأقمار الصناعية الرادار لإنشاء خرائط مفصلة لسطح الارض أو القمر .
جميع الوظائف التي يقوم بها الرادار تقوم على ظاهرتين أساسيتين قد تكون معتادا عليهما في حياتك اليومية و هي الصدى (echo ) و ظاهرة دوبلر ( Doppler shift ) و كل من هاتين الظاهرتيتن سهلتان للفهم لأن أذان الإنسان تختبرانهما كل يوم ، تستعمل الرادارات نفس المبدأ مستعملة في ذلك أمواج الراديو.
ظاهرة الصدى :
يختبر الإنسان ظاهرة الصدى كل يوم ، فإذا صرخت بصوت عال في بئر أو مضيق ، فإن الصوت سوف يرتد بعد مرور وقت قصير و هذا ما يعرف بظاهرة الصدى و هي تحدث عندما ترتد بعض الأمواج الناتجة عن صرختك عن السطح ( سواء الماء الموجود في البئر أو جدار المضيق ) و تعود إلى أذنك . إن المدة الزمنية القصيرة التي تفصل لحظة صرختك واللحظة التي تسمع فيه الصدى يعتمد على المسافة التي تفصلك عن السطح المسؤول عن إطلاق الصدى .
تأثير دوبلر ( Doppler Shift ) :
إن هذه الظاهرة منتشرة بكثرة و أنت تختبرها كذلك يوميا ( ربما من دون أن تشعر بذلك ) ، تحدث هذه الظاهرة عندما ينتج صوت ما ( أو يرتد عن ) جسم متحرك و ينتج عن هذه الظاهرة ما يعرف ب sonic booms . لفهم هذه الظاهرة فتتخيل نفسك واقفا في موقف سيارات و إذا بسيارة قادمة بإتجاهك بسرعة 60 ميلا في الساعة مطلقة العنان لبوقها ، سوف تسمع صوت البوق عند درجة محددة و لكن عندما تتجاوزك السيارة سينخفض الصوت فجائيا إلى درجة أقل . إن هذا التغيير المفاجئ التي تسمعه يعود سببه إلى ما يعرف بتأثير دوبلر.
سنفسر هنا ما يحدث ، إن سرعة الصوت في مرأب السيارات ذاك ثابت و لتسهيل الحساب دعنا نفرض بأنه في حدود 600 ميل في الساعة ( السرعة الفعلية تتعلق بضغط الهواء و الحرارة والرطوبة ) ، ولنفترض أن السيارة ثابتة و تبعد عنك ميلا واحدا بالضبط و أطلقت بوقها لمدة دقيقة واحدة ، عندها سوف تنتقل الأمواج الصوتية من البوق بإتحاهك بسرعة 600 ميل في الساعة و سوف تسمع البوق بعد 6 ثواني ،
و الأن دعنا نفترض أن السيارة ليست ثابتة وأنها تتحرك بإتجاهك بسرعة 60 ميلا في الساعة إنطلاقا من نفس المسافة ( 1 ميل ) و هي تطلق بوقها لمدة 1 دقيقة ، كما في الحالة الأولى سوف تسمع صوت البوق بعد 6 ثواني و لكنك لن تسمعه لمدة دقيقة كاملة و لكن لمدة 54 ثانية فقط و ذلك لأن السيارة سوف تكون بجانبك مباشرة بعد دقيقة واحدة و بذلك سوف ستمع صوت البوق بدون أي تأخير . السيارة ( من منظور السائق ) مازالت تطلق بوقها و تواصل ذلك لمدة دقيقة و لكن لأن السيارة متحركة ستتقلص المدة إلى 54 ثانية فقط بالنسبة لك . نفس عدد الأمواج الصوتية تتراكم في وقت قصير مما يزيد من ترددها فيبدو لك الصوت عاليا ، وعندما تتجاوزك السيارة ، يحدث العكس تماما حيث ينخفض التردد فيبدو لك الصوت منحفضا .
يمكنك دمج الظاهرتين ( الصدى و دوبلر ) كما يلي :
عندما تقوم بإرسال موجات صوتية عالية بإتجاه سيارة متحركة ، تنعكس بعض الأمواج و تعود إليك ( الصدى ) و لكن لأن السيارة تتجه نحوك فإنها تتأثر بظاهرة دوبلر حيث أن الأمواج التي تنعكس عنها يكون ترددها أعلى من الأمواج الأصلية المرسلة فعند قياسك للزمن المستغرق لوصول أمواج الصدى و تردد الأمواج تستطيع معرفة سرعة ومسافة السيارة.
كيفية عمل الرادار :
لقد رأينا كيف تستعمل ظاهرة الصدى لقياس بعد الأشياء عنا و رأينا أيضا كيف تستعمل ظاهرتي الصدى و دوبلر لتحديد سرعة الأشياء و بذلك يصبح بالإمكان أن نصنع رادار مثل السونار البحري ( sonar ) الذي تعتمد عليه الغواصات و السفن البحرية ، نستطيع أن نستعمل نفس المبدأ في الهواء و لكن ( بخلاف الماء ) توجد بعض المشاكل التي تعرقل عمل الرادار في هذا الوسط :
- لا تنتقل الأمواج الصوتية إلى مسافات بعيدة ( ميل على الأكثر ) .
- يستطيع كل شخص تقريبا أن يسمع الأمواج الصوتية فلو إستعملنا رادارا صوتيا فإنه سيسبب إزعاجا كبيرا ( يمكنك القضاء على هذه المشكلة من خلال إستعمال الأمواج الفوق الصوتية الغير مسموعة للإنسان ).
- لأن أمواج الصدى تكون خافتة فإنه من الصعب جدا إلتقاطها .
لنأخد الرادار الذي يستعمل لرصد حركة الطائرات كمثال ، أولا يشغل جهاز الإرسال في الرادار و يقوم بإرسال أمواج راديو قصيرة و عالية التردد ، بعد ذلك يشغل جهاز الإستقبال لإلتقاط أمواج الصدى و يقوم بحساب الزمن التي إستغرقته الأمواج للوصول و بأخد ظاهرة دوبلر في الحسبان يستطيع الرادار أن يحسب بعد الطائرة عن المطار وسرعتها بالضبط .
بالنيبة للرادرات التي تستعمل على البر ، تظهر مشكلة أخرى يجب حلها و هي ظاهرة التداخل ( interference ) ، عندما يستعمل الشرطي جهاز الرادار فإنه في الحقيقة يقوم بإرسال أمواج صوتية بإتجاه المركبة الهدف ولكن الأمواج ترتطم أيضا بجميع الأجسام المحيطة من جسور و عمارات و أبراج و غيرها مما يسبب مشكلة كبيرة عند جهاز الإستقبال ، و الحل لهذه المشكلة يكمن في إستعمال جهاز ترشيح ( filter ) يقوم بإلغاء أمواج الصدى التي لم تتأثر بظاهرة دوبلر ( لأن أمواج الصدى المنبعثة عن الأجسام المتحركة يكون ترددها أعلى من الأمواج المرسلة من جهاز الرادار و بذلك فإن أي جسم ثابت لا يتحرك يمكن التعرف عليه وعزله) التي تنبعث من الأجسام المحيطة بالسيارة .
حاليا ، تستعمل الشرطة تقنية جديد تعتمد على أشعة الليزر و تدعى ( lidar ) و هي تستعمل الضوء بدلا من أمواج الراديو .